أجرت L.I.S.A. حواراً مع ياسر دلَّال، خريج برنامج “حُماة التراث الثقافي”، ليتحدث عن مشروعه.
استجابة للدمار الهائل الذي لحق بالتراث الثقافي السوري، وسعياً للحفاظ على هذا التراث وحمايته، وفي إطار مشروع “ساعة البدء – مستقبل ما بعد الأزمة“، أطلق فرع إسطنبول في معهد الآثار الألماني (DAI) مشروع “حُماة التراث الثقافي” في أكتوبر 2016. امتد مشروع “حماة التراث الثقافي” على مدار 24 شهراً، وشاركت في تأسيسه مؤسسة جيردا هنكل.
وتم اختيار خمسة متخصصين سوريين في مجال التراث (علماء آثار ومهندسون معماريون…إلخ) مقيمين في تركيا، لتنفيذ مشاريعهم المقترحة في إطار تدريبهم استعداداً لفترة ما بعد الصراع في سوريا.
وقد وجهت L.I.S.A. إليهم أسئلة عن عملهم ضمن برنامج حُماة التراث الثقافي وخططهم للمستقبل. وكان الحوار الثالث من هذه السلسلة مع السيد ياسر دلَّال حول مشروعه “المقرنصات العثمانية في حلب (طرائق التوثيق)”.
L.I.S.A.: ما هو مشروعك؟ وما الذي أثار اهتمامك بهذا الموضوع؟
دلَّال: يتمحور مشروعي حول توثيق المقرنصات العثمانية في حلب وطرائق الحفاظ عليها. وقد ركّز البحث على دراسة حالة من حلب (مسجد تاريخي تضرر من جراء الصراع) وناقش طرائق التوثيق المحتملة للمقرنصات.
عانت سوريا بشكل عام، وحلب على وجه الخصوص، من آثار الصراع المستمر على مدار ست سنوات، الأمر الذي تسبب بالأذى للتراث الثقافي في المدينة، فقد بلغ حجم الدمار في أبنية حلب القديمة درجة تفوق الخيال، لذا تمس الحاجة إلى أعمال التوثيق والحفظ من أجل استدامة هذا التراث الثقافي وحمايته. وآمل أن يكون مشروعي البحثي بمثابة قطعة فسيفساء ضرورية للنهوض بتراثنا الثقافي من جديد.
استرعى موضوع المقرنصات اهتمامي طوال فترة إعدادي لرسالة الدكتوراه، حيث ركزت رسالتي على المقرنصات العثمانية المبكرة. وتُعدّ المقرنصات من أهم العناصر الزخرفية في العمارة الإسلامية لما لها من قيمة فنية وروحية. وإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار المقرنصات العثمانية جوهرة التاج في هذا النوع من الزخارف ثلاثية الأبعاد، حيث تمثل المقرنصات العثمانية المرحلة الأخيرة من التطور المعماري بعد عدة مراحل تطوير استمرت قرابة خمسة قرون. لذا يكتسي تحديد المقرنصات العثمانية أهمية كبيرة، سواء كعنصر هيكلي وزخرفي، أو كعلامة بارزة تشير إلى التأثير العثماني في منطقة حلب.
L.I.S.A.: هل توصَّلت إلى اكتشافات مفاجئة في أثناء البحث؟
دلَّال: أدَّى استخدام برامج الرسم ثلاثية الأبعاد مثل Blender في الرسوم المتحركة والهندسة المعمارية إلى استخدامها في توثيق التراث الثقافي. وتمكنت في أثناء فترة البحث من تطوير مهاراتي في العديد من المجالات، بما في ذلك إنشاء المحتوى ثلاثي الأبعاد. وبفضل تطبيق إنشاء المحتوى ثلاثي الأبعاد على توثيق المقرنصات، أتيحت لي الفرصة لفهم هياكل المقرنصات بشكل أفضل بأدق تفاصيلها. كما أعطاني ذلك فكرة عن الطرائق القديمة لتصميمها وتنفيذها.
تمكنت بفضل استخدام قائمة مرجعية لتقييم أضرار المباني التاريخية من تجربة هذه الطريقة في توثيق المقرنصات. ويمكن تطوير هذه الطريقة بإتاحتها رقمياً كتطبيق على أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف، ما يزيد سهولة التعامل مع الصور والرسومات، مثل التقاط الصور مباشرة باستخدام كاميرات الهاتف المحمول. كما سيصبح ملء الاستبيان أكثر سرعة وبساطة. ويمكن أرشفة المعلومات التي يتم جميعها رقمياً أو بطباعتها وتنظيمها بشكل أكثر وضوحاً. ويمكن أن يساعد هذا النوع من التطور في توسيع استخدام القوائم المرجعية ليشمل أغراضاً أخرى، ودمج هذه الطريقة مع طرائق تكنولوجية متقدمة أخرى مثل المساحة التصويرية.
L.I.S.A.: ما هي التحديات التي واجهتها في أثناء المشروع، وما الذي ساعدك في تخطيها؟
دلَّال: تناقش المصادر عن الفترة العثمانية في حلب وتاريخ المدينة بشكل عام، ومعظمها باللغتين العربية والفرنسية، تاريخ وعمارة المدينة وآثارها بشكل أساسي. ومع ذلك، لا تولي كل هذه المصادر اهتماماً بوصف المقرنصات وتقنيات بنائها، وتقتصر على كتابة موجز عن وجود المقرنصات عند أحد بوابات أو أركان المبنى إلى جانب بعض الصور العامة. لذا يصعب الوصول إلى معلومات مكتوبة عن المقرنصات في حلب. وبالتالي، لم تنسح لي الفرصة إلا بتحليل المواد الفوتوغرافية والرسومات القليلة المتاحة.
في عام 2013، قبل بدء هذا المشروع، أجريت بعض الأبحاث المسبقة حول المباني التاريخية في حلب، وزرت المدينة بنفسي لجمع بعض البيانات، إلا أن الوضع الأمني في المدينة كان متوتراً جداً في ذلك الحين، وكان ذلك يشكل تحديات حقيقية تصل إلى تهديد الحياة. ومع ذلك، اتخذت مع زملائي بعض احتياطات السلامة، وحاولنا التحقق من المواقع قبل الذهاب إليها. في بعض الأحيان لم نتمكن من دخول بعض المواقع بسبب وضعها المتردي، ولم تكن البيانات التي جمعناها كافية. لذا كان عدم إمكانية وصولنا المباشر إلى المباني يمثل التحدي الرئيسي الذي واجهناه.
L.I.S.A.: ما هي خططك وأمنياتك لمهنتك المستقبلية؟
دلَّال: أنا عالم آثار، وحصلت مؤخراً على درجة الدكتوراه في التاريخ والفنون الإسلامية. وأخطط للعمل في علم الآثار الإسلامية، وأستعد لمشروع مسح أثري في كاليهيسار (موقع سلجوقي) في تركيا. كما أتطلع إلى مواصلة عملي في المجال الأكاديمي بدرجة ما بعد الدكتوراه.
أجاب ياسر دلَّال عن الأسئلة أعلاه كتابةً.
صورة العنوان: ياسر دلَّال | © دلَّال.
المصدر/الصور: L.I.S.A.
Read More:
https://www.archernet.org/2019/02/27/connecting-syrian-children-with-their-heritage-interview-with-lamis-kadah/